الرؤية والأهداف والمبادئ

تحديات المرحلة الانتقالية
يناضل الشعب السوري اليوم لإسقاط نظام دكتاتوري وتأمين سبل العيش في ظل استقرار وسلام وديمقراطية، لكن التاريخ (والعديد من التجارب الحديثة في أماكن مختلفة من العالم) يقول لنا أن الانتقال الديمقراطي ليس بالعملية السهلة، وخصوصاً حين يتم التغير بعد صراع المسلح تكون أمامه تحديات كبيرة. فعلى المجتمع والدولة معالجة إرث النظام الدكتاتوري بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن العنف والعنف المسلح وذلك على الصعيد الإنساني والاجتماعي والمؤسساتي والاقتصادي، وغالباً هذا ما يرهق كاهل أي حكومة جديدة تحاول بناء مؤسسات ديمقراطية وثقافة وطنية جديدة.
لكن وبالرغم من ذلك وحتى في أقسى الظروف تزداد فرص الانتقال بالنجاح حين يكون هناك مبادئ مشتركة والتزام كامل من قبل جميع الأطراف بتحقيق أهداف واضحة المعالم، إن العملية الانتقالية التي تتسم بوضوح الطريق والهدف يمكنها دائما تذليل التحديات والعقبات التي تواجهها، وبالإضافة إلى ذلك إن المرحلة الانتقالية غالبا ما تنجح حين يتم الأخذ بعين الاعتبار للخصوصية التاريخية والتركيبة المجتمعية والثقافية بالإضافة إلى العادات والتقاليد الاجتماعية. وما يزيد أيضاً من فرص النجاح هو تحديد العقبات والتحديات قبل وقوعها وتطوير الاستراتيجيات والآليات للتعامل معها، وبنفس الوقت المحافظة على قدر كبير من المرونة في الخطط لتتأقلم مع كافة المتغيرات والظروف التي قد تستجد أو كافة السيناريوهات التي قد تفضي إلى التغير.
مشروع اليوم التالي: خلفية ونظرة عامة.
لقد قمنا بتأسيس وتصميم مشروع اليوم التالي بهدف المساهمة في إنجاح المرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد. نحن مجموعة مؤلفة من 45 ناشطاً سورياً يمثلون طيف واسع من المعارضة السورية ونعمل على إدارة هذا المشروع المستقل للتخطيط الانتقالي، وذلك بدعم لوجستي وتقني من المعهد الأمريكي للسلام (USIP) والمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن الدولي (SWP). في الفترة الممتدة ما بين كانون الثاني وحزيران من العام الحالي 2012 قمنا بالاجتماع بشكل شهري لتطوير وتوحيد رؤية مشتركة لمستقبل سوريا الحرة والديمقراطية، وقمنا بتحديد الأهداف والمبادئ الانتقالية التي خرج من أجلها الشعب السوري، وبضوئها عملنا جاهدين على تطوير خطة انتقالية تفصيلة ومرنة في ذات الوقت بالاستفادة من جهود خبراء دوليين وأكاديميين من كافة انحاء العالم في التخطيط الانتقالي، ونقدم عملنا هذا كمساهمة متواضعة وخجولة منا أمام من ضحى بدمه لأجل حرية وطنه وشعبه.
ونحن نشدد على أننا لا نقدم عملنا هذا على أنه مخطط يجب السير فيه أو على أنه برنامج عمل يجب اتباعه، وإنما نحن نأمل على أن يتم اعتبار هذه الوثيقة مساهمة في النقاش والحوار الدائر حول مستقبل بلادنا والذي يحق ويجب على كافة السوريين المشاركة به، هذه الوثيقة لا يراد منها أن تملي على الحكومة السورية الانتقالية ما الذي يجب عليها فعله ولا تهدف إلى الحد من النقاش والحوار بين أبناء الشعب السوري حول كيفية بناء مستقبلهم، وإنما نحن نتقدم بهذه التوصيات بهدف إطلاق حوار حول الاهداف والمبادئ والاستراتيجيات التي يجب علينا جدياً البدء بالبحث فيها، كما نأمل دعم جهود شعبنا السوري في الوصول إلى مستقبل ديمقراطي حر وكريم نناضل من أجله اليوم ضد نظام دكتاتوري وحشي.
لقد ركز فريق عملنا جهودهم على ست مجالات لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا: (1) سيادة القانون، (2) العدالة الانتقالية، (3) إصلاح القطاع الأمني (4) تصميم النظم الانتخابية وانتخاب الهيئة الدستورية، (5) التصميم الدستوري، (6) الإصلاح الاقتصادي والسياسات الاجتماعية. وقامت كل واحدة من هذه المجموعات الستة بالعمل ضمن رؤية موحدة وأهداف ومبادئ مشتركة كما هي موضحة أدناه.
المبادئ الأساسية والأهداف
قام المشاركون في مشروع اليوم التالي بتحديد الأهداف التالية لتقود كافة مراحل عملهم، ونعتقد أن المضي باتجاه هذه الأهداف وضمن هذه المبادئ من شأنه أن يسهم في تعزيز فرصنا بمرحلة انتقالية ناجحة ما بعد الأسد.
الأهداف الأساسية للعملية الانتقالية
• تطوير وتعزيز هوية وطنية جديدة.
• تعزيز روح الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع السوري المتنوع.
• بناء توافق وطني حول القيم والمبادئ الأساسية للأمة بالإضافة إلى العمل على عقد اجتماعي جديد بين الدولة والشعب.
• المساواة بين جميع الأفراد أمام الدولة على أساس المواطنة بغض النظر عن دين الفرد أو طائفته أو جنسه أو قوميته.
• التأسيس لسورية كدولة مدنية ينحصر فيها دور قوات الأمن على حماية أمن وحقوق وحريات كافة المواطنين.
• التأكيد على أن سوريا يجب أن تبقى دولة موحدة بالإضافة إلى لامركزية تضمن لجميع المواطنين حقهم المشاركة على كافة المستويات.
• إدارة اقتصادية تضمن العدالة الاجتماعية، والتطوير الإنساني، والتنمية المستدامة، وحماية الثروات الوطنية.
• العمل بجهد على خلق الثقة المتبادلة بين المجتمع ككل وكافة مكوناته الاجتماعية الصغرى.
• القطيعة مع إرث الاستبداد والإلتزام بمبادئ الديمقراطية في تسيير كافة شؤون الدولة والعلاقة القائمة بين القيادات السياسية والحكومة.
• تثقيف المواطن وتمكينه بمبادئ وممارسات الديمقراطية.
• تسخير كافة الإمكانيات لأجل حكومة شرعية فعالة تعمل ضمن إطار قانوني يعزز سيادة القانون في كافة المجالات.